قلم الإرادة

الشخص المناسب في المكان المناسب

في أي حكومة أو منظمة أو شركة أو مجموعة بشرية، تكتمل الصورة، وتعم النجاحات، متى كانت الأدوار موزعة بصورة صائبة ومدروسة، في ضوء كفاءات الأفراد وقدراتهم، وليس فقط بحسب الإمكانيات المادية أو التأثيرات الاجتماعية، ومن هنا يأتي مبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب”.

يقوم هذا المبدأ على توظيف الأفراد في الأماكن التي تتناسب مع مهاراتهم وقدراتهم الفردية وتفضيلاتهم الشخصية، بحيث يكونوا قادرين على أداء واجباتهم ومهامهم بكفاءة وفاعلية. في رؤية أوسع، فإن تطبيق هذا المبدأ يعطي الفرصة لكل فرد للتفوق في مجال يتقنه ويحبه، بغض النظر عن الأهداف الشخصية أو الأجتماعية.
تحقيق هذا المبدأ يتطلب التواصل الصحيح والتدريب المستمر والتقييم الدقيق. إن التواصل الجيد يسمح بالتعبير عن الأفكار والمخاوف والطموحات بشكل فعال التدريب المستمر يساعد في تطوير المهارات والقدرات. والتقييم الدقيق يسهم في تحديد الأداء وتسليط الضوء على النقاط القوية والضعيفة.

على الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجهها الهيئات والمنظمات في تنفيذ هذا المبدأ، إلا أن الفوائد التي يمكن أن تجنى منه تكفي لتجاوز هذه التحديات. فعندما يتم وظيفة فرد او مجموعة بطريقة مهنية ومنطقية، يتم تعزيز الرضا الوظيفي، التحفيز، والإنتاجية.
بالإضافة إلى النقاط أعلاه، يجدر بنا أن نناقش الأبعاد الأخرى للإرشاد “الشخص المناسب في المكان المناسب”.

أ) التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: عند إقامة الأفراد في الأماكن التي تناسب مهاراتهم وشغفهم، فإنه يمكن أيضا تعزيز موازنة بين الحياة الشخصية والمهنية. هذا مهم للحفاظ على الصحة العقلية والبدنية للأفراد ولتعزيز الرضا الوظيفي والتركيز.

ب) تعزيز القيادة: تحقيق “الشخص المناسب في المكان المناسب” يمكن أيضًا أن يعزز القيادة ضمن المنظمة. الأفراد الذين يتمتعون بأفضل مهارات القيادة يمكن أن يوظفوا في الأدوار التنظيمية العليا، حيث يمكنهم استخدام مهاراتهم بالكامل لتوجيه تطور المنظمة.

ج) الابتكار والتغيير: عندما يكون الأفراد في المواضع التي تناسب مهاراتهم وشغفهم وميلهم، يمكنهم المساهمة في الابتكار. الشغف والرغبة في المساهمة في النجاح ممكن أن يشجع على الإبداع وتوليد الأفكار الجديدة.

وبالتالي، مبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب” ليس فقط مسألة تحقيق الكفاءة والإنتاجية، بل يتعلق أيضا بتعزيز الإنسانية في المكان العمل، وتطوير منظمة قوية وفعالة تثمر نجاحاً طويل الأمد.
وهناك الكثير من المزايا الأخرى لمبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب”، ومنها:

1) تعزيز الانسجام الفريق: عندما يتم توظيف أفراد الفريق بناءً على قدراتهم ومهاراتهم، يُصبح العمل ضمن الفريق أكثر أملسية وانسجامًا، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين العلاقات بين أفراد الفريق.

2) الحد من النقص في المواهب: من خلال التأكد من أن الأفراد يعملون في المواقع التي تتلاءم مع مهاراتهم وشغفهم، يمكن تقليل النقص في المواهب وتعزيز تطوير المهارات في المنظمة.

3) زيادة الرضا عن العمل: يساهم ذلك في زيادة الرضا عن العمل والوفاء بالنفس بين الأفراد، حيث يشعرون بأنهم يستغلون قدراتهم بشكل كامل ويقدمون مساهمات قيمة تجاه المنظمة.

4) التحسين المستمر: خلق بيئة عمل تعتمد على مبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب” يعمل على زيادة الدافع للتحسين المستمر، سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو المنظمي.
بهذه الطريقة، يمكن لمبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب” أن يكون أكثر من مجرد استراتيجية لتحسين الكفاءة والإنتاجية. بل هو أسلوب لبناء نوع أكثر شمولاً وصحة وواعد من المنظمات.

بالختام، إن البحث عن “الشخص المناسب في المكان المناسب” هو أمر حيوي لأي منظمة تتطلع للنمو والتحسين المستمر. في عالم متغير بسرعة، يعتمد النجاح ليس فقط على ما نفعله، ولكن أيضاً على من نقوم بتكليفه للقيام به.

••

سامي بن أورنس الشعلان – أكاديمي

X: @soalshalan

‏Email: sshalan@alerada.net

مقالات ذات صلة